BEES - Hamzaoui 45100
  الحشرات المذكورة
 

الحشرات المذكورة في القرآن الكريم

 وتأثيرها الضار والنافع على الإنسان والبيئة

 أ.د. سميحة سيد مسلم

استشاري بالهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية

 اشتمل القرآن الكريم على ثلاث سور سميت بأسماء بعض الحشرات وهي النحل والنمل والعنكبوت، وفي بعض السور ذكرت حشرات أخرى وهي البعوض والذباب والقمل والجراد. وقد أشارت الآية 26 من سورة البقرة إلى البعوض في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِين). أي أن الله لا يستصغر شيئا يضرب به مثلا ولو كان في الحقارة والصغر مثل البعوضة، كما لا يستنكف عن خلقها وعن ضرب المثل بها.

هذه الحشرة الضئيلة التي تسمى البعوضة يوجد منها ثلاثة أجناس في جمهورية مصر العربية، وهي تتوالد معظم أوقات السنة فيما عدا الشهور الباردة، وتضع الإناث البيض على سطح المياه الراكدة كالبرك والمستنقعات والآبار المهجورة وخزانات المياه غير المتصلة بالمجاري وغيرها. ومن أهم صفاتها أن الذكور تتغذى على رحيق الأزهار والعصارات النباتية، أما الإناث فهي التي تلدغ الإنسان لتمتص دمه وتنقل له الكثير

     البعوض

البعوض المنزليCulex pipiens :

   هذا البعوض ينتشر انتشارا واسعا يفوق جميع الأنواع الأخرى. يتوالد في أي ماء نظيف أو ملوث، ويكثر في القرى التي لم يدخلها نظام الصرف الصحي، ويضع بيضا متراصا في مجاميع، ويستمر نشاطه في اللدغ طوال الليل، وهو ينقل مرضا من أخطر الأمراض التي يتعرض لها الإنسان في الوقت الحالي ألا وهو مرض الفيلاريا المعــــروف بداء الفيــل ويســـببه طفيـــلي يسمى  bancrofti Wuchereria الذي يعيش في الدم (ميكروفيلاريا) وفي الغدد الليمفاوية (الطور البالغ)، وتعتبر أنثى بعوضة الكيوليكس هي الناقل لهذا المرض من شخص مريض إلى آخر سليم عند أخذه وجبة دم تحتوي على الميكروفيلاريا من إنسان مصاب.

   من المعروف أن هذا المرض لا يظهر بصورة واضحة على المريض إلا بعد مرور عدة سنوات (من 6 إلى 9 سنوات) يكون الطفيلي قد تكاثر بصورة ضخمة داخل الأوعية الدموية وتحول إلى الطور البالغ في الأوعية الليمفاوية محدثا بها انسدادا يؤدي إلى تضخم في الأطراف خاصة في الأجزاء السفلية مثل الساق والخصية، ولا يوجد له علاج. أما في المراحل الأولى للإصابة فتظهر أعراض مشابهة للإنفلونزا مثل ارتفاع في درجة الحرارة وصداع، ويمكن علاجه باستخدام عقار الفيلاران، لذا فإن الإجراء الوقائي لهذا المرض أفضل من العلاج، فيجب أخذ عينة من دم الإنسان بصفة دورية كل ستة أشهر أو سنة على الأكثر وفحصها لاكتشاف المرض في مراحله الأولى وعلاجه.

   وينقل هذا النوع من البعوض أيضا مرض حمى الوادي المتصدع، وهو مرض فيروسي يصيب الأغنام والماشية والجمال مسببا الإجهاض والوفاة وينتقل للإنسان.

بعوض الأنوفيل الفرعوني  Anopheles pharoensis

    يتوالد في حقول الأرز ويضع البيض فرادى، وهو يلدغ ليلا بين المغرب والعشاء وقبل الفجر ولدغه مؤلم. هو الناقل الرئيسي للملاريا الثلاثية الحميدة في الدلتا ووادي النيل، والمسبب طفيلي يسمى Plasmodium ovale والأعراض إحساس بالبرودة ورعشة لمدة نصف ساعة يليها فترة سخونة من 1 ـ 4 ساعات وتكون مصحوبة بصداع وقيء، ثم فترة عرق من 1 ـ 4 ساعات تنخفض فيها درجة الحرارة، وتستغرق هذه الفترة من 8 ـ 12 ساعة، ومضاعفاتها أنيميا وتضخم بالكبد والطحال، وتعالج الملاريا بالأمينوكينولين الرباعي والثماني.

     في السودان يوجد بعوض الأنوفيل  Anopheles gambiae الذي يتوالد في أي تجمع مياه نظيفة، وهو الناقل للملاريا الخبيثة والتي يسببها طفيلي يسمى Plasmodium falciparum، وأعراضها طول مدة ارتفاع الحرارة وتكون مصحوبة بمغص معوي وقيء وإسهال واصفرار في العين وهذيان وإغماء، أعراضها خطيرة وشديدة تؤدي للوفاة إذا لم تعالج مبكرا، وللوقاية تؤخذ أقراص دارابريم.

    وقد غزت هذه البعوضة مصر مرتين الأولى في سنة 1942 والثانية في سنة 1950، وتم القضاء عليها باستخدام المبيدات ومنعها من العودة برش جميع السفن والقطارات الآتية من السودان بالمبيدات والاستكشاف الدوري للبعوض في منطقة تمتد 150 كم شمالا وجنوبا للحدود الجنوبية.

البعوض المصري: Aedes Eagypti

   يتوالد في أقل كمية من المياه والأوعية المنزلية والخزانات وحول المنازل في الفسقيات، ويضع البيض فرادى، وهو يلدغ نهارا وقبيل الغروب، ولا يحدث طنينا. وتنقل البعوضة مرضين (مرض الصفراء، والدنج) ويسببهما فيروس موجود في الحيوانات التي تعيش في الغابات الموبوءة.

    مرض الصفراء: متوطن في غرب أفريقيا وغرب الهند وسواحل الأطلنطي وهو غير موجود في جمهورية مصر العربية التي تعمل على تأمين حدودها بعمل استكشافات دورية، والأعراض ارتفاع في درجة الحرار، رعشة، صداع، آلام في المعدة وقيء دموي، النبض سريع ثم ينخفض تدريجيا واصفرار شديد في العين. ممكن أن يؤدي للوفاة وهو مرض شديد الوبائية.

    مرض الدنج: أقل خطورة من الحمى الصفراء لأنه لا يؤدي للوفاة وأعراضه ارتفاع في  درجة الحرارة ورعشة وسرعة النبض، ثم انخفاض في درجة الحرارة، عرق، إسهال وارتفاع في الحرارة مع وظهور بقع حمراء على الأيدي والأقدام.

الذباب

   كما اشتملت آيات القرآن الكريم على نوع آخر من الحشرات الضارة ألا وهو الذباب وذلك في الآية 73 من سورة الحج: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوب).

    إن الله يخاطب المشركين أن أصنامكم التي تعبدونها عاجزة عن خلق ذبابة واحدة وهي من أضعف مخلوقات الله، وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستطيعون استرجاعه فما أضعف الطالب والمطلوب أي ما أضعف عابد الصنم وما أضعفه معبودا. إنهم ما قدروا الله حق قدره، إن الله لقوي عزيز.

   الذباب أنواع كثيرة أشهرها الذبابة المنزلية وطولها حوالي 8 مم، لونها اردوازي مع أربعة خطوط طولية على الصدر وخط طولي أسود في وسط البطن، أجزاء الفم متحورة إلى خرطوم ماص ينتهي بفصين إسفنجيين يحصران فتحة الفم.

الذبابة المنزلية: Musca domestica

تعتبر من أخطر الحشرات الناقلة للأمراض وهي:

ـ أمراض بكتيرية وطفيلية مثل: النزلات المعوية  ـ التسمم الغذائي ـ الدوسنتاريا ـ الكوليرا ـ التيفود ـ السل ـ الدفتيريا ـ الرمد ـ بيض الإسكارس.

ـ أمراض فيروسية مثل: شلل الأطفال ـ الجدري ـ التهاب كبدي وبائي ـ الرمد الحبيبي.

ـ التدويد في الإنسان والحيوان: وهو إصابة الأنسجة الحية بيرقات الذباب.

ـ مضايقات للإنسان والحيوان.

    وتنقل الذبابة هذه الميكروبات بطريقة آلية، فعند ترددها على المواد العضوية المتحللة التي تعج بملايين الميكروبات تتعلق بالشعر الكثيف الموجود على جسم الذبابة خاصة نهاية الأرجل، وتدخل الميكروبات في جوف الذبابة مع المواد الملوثة، وعندما تحط على طعام الإنسان أو شرابه فإنها قد تلقي ما في جوفها بالقيء أو البراز. وهي تتوالد في أماكن تجمع القمامة وأكوام السماد البلدي المكون من روث البهائم والمواد العضوية المتحللة، ويقدر بعض العلماء عدد البكتريا على جسم الذبابة من الخارج بأربعة ملايين ومن الداخل بثمانية ملايين.

والأنواع الأخرى من الذباب:

ذبابة المرحاض  (Musca sorbens (Latrine fly

    وتشبه الذبابة المنزلية ولكن يوجد خطان على الصدر، وهي تتوالد على فضلات الإنسان والحيوان خاصة البراز وتنجذب إلى العيون المصابة والجروح وتعتبر عاملا مهما في نقل ميكروب الرمد الصديدي وفيروس الرمد الحبيبي.

ذبابة الاسطبل: Stomoxys (stable fly)

   وهي في حجم الذبابة المنزلية ولكن أجزاء الفم ثاقبة ماصة، وهي تتوالد على روث الخيل، وهي ناقل ميكانيكي لطفيلي يسمى  Trypanosoma ومسببات التيتانوس والجمرة الخبيثة وتسبب التدويد العرضي.

ذبابة تسي تسي Glossina:

    وهي ذبابة أكبر حجما من الذبابة المنزلية وذبابة الأسطبل (10 ـ 15مم) لونها بني أو أسود، تعيش في أفريقيا، وأجزاء الفم ثاقبة ماصة للدماء في الذكر والأنثى، وهي تتوالد  على ضفاف الأنهار والبحيرات تحت ظلال الأشجار وفي الأماكن المفتوحة، وهي نوعان:

   Glossina palpalies وهي أهم ناقل لطفيلي يسمى  Trypanosoma gambiense المسبب لمرض النوم Sleeping sickness وهو يوجد بصورة مزمنة في غرب ووسط أفريقيا بين خط عرض 15 شمالا و10 جنوبا (نيجيريا والكونجو).

   Glossina morsitans وهي أهم ناقل لطفيلي  Tryponosoma rhodsiense المسبب لمرض النوم الموجود بصورة حادة ـ وهو قاتل للإنسان ـ في شرق أفريقيا بين خط عرض 15 شمالا و10  جنوبا (جنوب السودان ـ روديسيا ـ كينيا ـ أوغندا ـ تنجانيقا ـ منطقة البحيرات) وكذلك تنقل طفيلي يسمى Trypanosoma brucei للحيوانات الأليفة والمفترسة مسببة مرض ناجانا Nagana.

أعراض مرض النوم:

ـ قرحة مكان امتصاص الذباب للدم.

ـ تضخم في الغدد الليمفاوية.

ـ آلام في العضلات والمفاصل.

ـ نقص في كرات الدم البيضاء والحمراء.

ـ عند إصابة المخ وأغشيته يشعر المريض بصداع شديد ـ هذيان ـ عدم تركيز ــ ميل للنوم ـ التهابات متكررة يعقبها وفاة.

النمــل:

   وفي الآية 18 من سورة النمل في يقول عز وجل: (حَتَّى إِذَا أَتَواْ عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِن قوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِين) وقد خشيت هذه النملة على النمل أن تحطمه جنود سليمان دون أن يشعروا بهم فأمرتهم بالدخول إلى مساكنهم، ففهم ذلك سليمان ـ عليه السلام ـ وتبسم ضاحكا وطلب من الله أن يلهمه الشكر على نعمائه لتعليمه منطق الطير والحشرات وتسخير الجن والريح له.

والنملة حشرة صغيرة تعيش في مجموعات ولها مساكن ضعيفة وغالبيتها لا يسبب ضررا مباشرا للإنسان إلا في حالات نادرة حيث يلوث الأطعمة عند مروره عليها بدون قصد، ويفسد المخزون بانتشاره فيه. ويشكل النمل النوع الأكثر عددا على سطح الأرض ويعمل بحيوية ونشاط، يعيش في مستوطنات تحتوي على ذكور مجنحة وعاملات بدون أجنحة وملكات، أما أوكاره فهي محفورة في الأرض وفيها ممرات وغرف للعاملات وأماكن لحفظ الطعام.

   كما يوجد نوع ثان من النمل، وهو الأكثر خطرا (النمل الأبيض) الذي يهاجم بمجموعات ضخمة عروق الأخشاب التي تدخل في بناء المساكن ويتغذى عليها مما يؤدي إلى انهيارها، هذا النمل يمكن أن يقضي على قرى ومدن بأكملها، وهو الذي جاء ذكره في الآية 14 من سورة سبأ: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَ دَآبَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُواْ فِى الْعَذَابِ الْمُهِين).

الجراد والقمل

أما بالنسبة للأنواع الأخرى من الحشرات الضارة فنجد أن القرآن الكريم قد أشار إليها في الآيتين 133، و134 من سورة الأعراف، يقول الله عز وجل: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ءَايَات مُفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ * وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِى إِسْرَآءيلَ ).

  هذا إخبار من الله عز وجل عن قوم  فرعون وعتوهم وعنادهم للحق وإصرارهم على الباطل، فأرسل عليهم الطوفان أي الموت الذريع أو المطر الشديد الذي غشي أماكنهم ودخل بيوتهم ووصل إلى  حلوق الجالسين لمدة سبعة أيام. وأرسل عليهم الجراد وهي  حشرة خضراء ضارة لها قوائم خلفية نطاطة تكون أسرابا ضخمة تهبط على المناطق المزروعة والشجر وتقضي عليها.

    وقد تعرضت جمهورية مصر العربية في سنة 1904م لهجوم كبير من تلك الأسراب من الجراد مما أدى إلى حجب ضوء الشمس وكاد أن يقضي على نسبة كبيرة من المحاصيل الزراعية إن لم يكن كلها، لولا سقوط الأمطار التي قضت على هذه الأسراب. وفي شهر أبريل 1988م تعرضت البلاد لموجة شديدة الحرارة أدت لمحاولة دخول أسراب من الجراد عن طريق ليبيا لولا هطول الأمطار الغزيرة التي جعلت تلك الأسراب تحول اتجاهها رغم أن هذا التوقيت من العام لم تتعود فيه البلاد لسقوط أمطار إنما هي عظمة ورحمة من الله سبحانه وتعالى.

   وقيل إن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا دعا على الجراد قال: (اللهم أهلك كباره واقتل صغاره وأفسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء). وعن الجراد قال أحد الصالحي


 
 
  Today, there have been 4 visiteurs (62 hits) on this page!  
 
This website was created for free with Own-Free-Website.com. Would you also like to have your own website?
Sign up for free